الفصل الثّاني
من الضّلال إلى النّجاة
1 ولقد كُنتُم مِن الهالِكينَ مَغضوبًا عليكُم لِما ارتَكَبَتْ أيديكُم مِن الخَطايا
2 في ما مَضى، إذ كُنتُم تَسلُكونَ طُرُقَ أهلِ الدُّنيا، في دَربِ إِبليسَ زَعيمِ الشّياطينِ والجِنِّ الّتي تُهَيمِنُ على جَوِّ هذا العالَمِ، ويَتَحَكَّمُ إبليسُ الآنَ في كُلِّ مَن يَعصي اللهَ.
3 ونَحنُ مِن بَني يَعقوبَ كُنّا فيما مَضى مِثلَهُم نَحيا حَسَبَ رَغَباتِ النّفسِ وما يُملِيهِ علينا الهَوى. ومِن الطَّبيعيِّ أن نَستَحِقَّ غَضَبَ اللهِ مِثلَ بَقيّةِ أهلِ الدُّنيا.
4 ولكنّ اللهَ كانَ بنا رَحيمًا كَريمًا، وكانَ حُبُّهُ لنا عَظيمًا!
5 نعم، نَحنُ مِن بَني يَعقوبَ كُنّا مِن الهالِكينَ بِسَبَبِ آثامِنا، ورَغمَ ذلِكَ جَعَلَنا اللهُ بِفَضلِ قيامةِ سَيِّدِنا المَسيحِ خالِدينَ! مَرحى يا إخوَتي مِن غَيرِ بَني يَعقوبَ، لقد صِرتُم مِثلَنا بِفَضلِ اللهِ مِن أهلِ النَّجاةِ،
6 ولأنّنا نَنتَمي إلى سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ، فقد جَعَلَنا اللهُ مَعَهُ مِن أهلِ الخُلدِ، وأنعَمَ علينا بالجُلوسِ إلى جانِبِ مَولانا المَسيحِ في عِلّيِّينَ،
7 وهكذا يَظهَرُ غِنى فَضلِ اللهِ علينا في الأجيالِ القادِمةِ مِن خِلالِ سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ.
8 نعم يا إخوَتي، لقد صِرتُم بفَضلِ اللهِ مِن النّاجينَ، وهذا لَيسَ نَتيجةَ جُهدِكُم بَل هُو عِطاءٌ مِن اللهِ،
9 ولا هُو بِما كَسَبتُم بفَضلِ أعمالِكُم، لِكَي لا يَتَفاخَرَ بَعضُكُم على بَعضٍ،
10 إنّ اللهَ مَيَّزَنا بِالصُّورةِ الّتي نَحنُ عليها، فجَعَلَنا مِن خَلقِهِ الجَديدِ بِواسِطةِ سَيِّدِنا المَسيحِ كَي نَسلُكَ طَريقَ الصّالِحاتِ كَما حَدَّدَ لنا ذلِكَ مُنذُ القَديمِ.
وحدة المؤمنين في سيّدنا المسيح
11 لذلِكَ يا إخوَتي مِن غَيرِ اليَهودِ، لا تَنسَوا أنّكُم كُنتُم مَنبوذينَ لأنّكُم لم تَكونوا مِن بَني يَعقوبَ. فقد كانَ هؤلاءِ يَفتَخِرونَ أنّهُم أهلُ الخِتانِ، أمّا أنتُم فقد أطلَقوا عليكُم تَسميَّةَ غَيرِ المَختونينَ بِازدِراءٍ، مَعَ أنّ ما يَتَباهَونَ بِهِ لَيسَ سِوى جُرحٍ خارجيٍّ يأتيهِ البَشَرُ.
12 ولقد كُنتُم حينئذٍ دونَ سَيِّدِنا المَسيحِ، مَنبوذينَ مِن بَني يَعقوبَ أهلِ ميثاقِ اللهِ، ومُبعَدينَ عَن عُهُودِهِ تَعالى ووُعُودِهِ، فكُنتُم تَعيشونَ دونَ يَقينٍ، وحُرِمتُم في دُنياكُم مِن التَّواصُلِ مَعَهُ سُبحانَهُ وتَعالى،
13 ولكِن ها أنتمُ الآنَ مِن جَماعةِ سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ، وقد كُنتُم مِن قَبلُ مُبتَعِدينَ عنِ اللهِ، فصِرتُم مُقَرَّبينَ مِنهُ تَعالى بفَضلِ تَضحيةِ السَّيِّدِ المَسيحِ بدَمِهِ الزَّكيّ،
14 لأنّهُ (سلامُهُ علينا) قد صالَحَ بَينَ بَني يَعقوبَ وغَيرِهِم مِن الشُّعوبِ، إذ جَمَعَهُم فأصبَحوا مُتَّحِدينَ، وهَدَمَ جِدارَ البُغضِ والكَراهيّةِ الّذي كانَ يَفصِلُ بَعضَنا عن بَعضٍ.
15 وعِندَما ضَحَّى سَيِّدُنا المَسيحُ بِحَياتِهِ ألغى عاداتِ بَني يَعقوبَ وتَقاليدَهُم الّتي وَقَفَت سَدًّا مَنيعًا، فمَنَعَت غَيرَ اليَهودِ مِن مُشارَكتِهِم في العَهدِ مَعَ اللهِ، فصالَحَ بَينَ الجَماعتَينِ،
16 وجَعَلَ مِنهُما أُمّةً واحِدةً جَديدةً تَنتَمي إليهِ (سلامُهُ علينا). فبِتَضحيّتِهِ على الصَّليبِ، قَضى على العُدوانِ الّذي بَينَهُما، فأصبَحا بذلِكَ جَماعةً واحِدةً وأعادَهُما إلى نورِ اللهِ.
17 لقد حَمَلَ السَّيِّدُ المَسيحُ إلى الجَميعِ البُشرى، والمُصالَحةَ الكُبرى: بُشرى للأغرابِ الّذينَ كانوا مُبعَدينَ عنِ اللهِ، وبُشرى لنا نَحنُ مِن بَني يَعقوبَ، وقد كُنّا مُقَرَّبينَ مِنهُ.
18 لأَنّهُ بالسَّيّدِ المَسيحِ لنا جَميعًا سَبيلُ الوُصولِ إلى اللهِ الأبِ الرَّحيمِ بفَضلِ رُوحِهِ الواحِدةِ.
19 فأنتُم مِن الآنَ لم تَعُودوا أجانِبَ غُرَباءَ، بل صِرتُم إخوةً في أُمّةِ اللهِ، ودَخَلتُم أهلَ بَيتِهِ تَعالى،
20 الّذي جَعَلَ أساسَهُ الحَواريِّينَ والأنبِياءَ، في حينَ جَعَلَ سَيِّدَنا عيسى المَسيحَ حَجَرَ الزّاويةِ المَتينَ!
21 ونَحنُ المؤمنينَ بِهِ أصبَحنا مُتَرابِطينَ كحَجَرِ البِناءِ، فبِتَكاتُفِنا نَصيرُ بَيتًا مُقَدَّسًا للمَولى.
22 وها أنتُم أيُّها الأغرابُ قد أصبَحتُم بسَيِّدِنا المَسيحِ جُزءًا لا يَتَجَزأُ مِن صَرحِ اللهِ الّذي تَحِلُّ فيهِ رُوحُهُ تَعالى.